Wednesday, June 22, 2011

ثقافة الشكر

مقالة نشرت في مجلة "القبس" حزيران 2011

     شكر الآخرين هو أحد السّبل لكسب مرضاة الله، فمن لا يشكر النّاس لا يشكر الله، ومع ذلك نلاحظ أن كلمة "شكراً" ليست موجودة في ثقافة لغتنا اليوميّة! فقد تفتح الباب لأحدهم، أو تترك مكانك ليجلس فيه من هو أكبر منك، أو تساعد إحداهنّ على التقاط أوراق وقعت منها على الأرض، أو تعطي ولداً قطعة حلوى، ثمّ لا تُقابل بكلمة شكر أو امتنان.

     كثيرةٌ هي المناسبات في مجتمعنا، من خطبة وزواج ونجاح وعودة من حجّ أو عمرة أو سفر، وولادة وشفاء من مرض؛ كلّها مناسباتٌ نحرص فيها على التّهادي تحبّباً إلى صاحب المناسبة ومشاركةً له في فرحته، ثمّ لا تقابَل هذه الهديّة بكلمة "شكراً"، بل قد يتعامل صاحب المناسبة مع الهديّة على أنّه لم يرها، فلا يلمسها أو ينظر باتّجاهها إلى حين مغادرة من أتى بالهديّة، ممّا قد يشعر هذا الأخير، أنّه ليس هناك هديّة، أو أنّ هديّته غير مرغوب فيها.

     وكذلك نلاحظ أنّ انعدام ثقافة الشكر ملحوظٌ في البيئة المدرسيّة، فقد يسأل تلميذٌ أستاذه ليعطيه ورقة وهو يكتب امتحانه ولا يردّ التلميذ بـ"شكراً" ثمّ يسأل عن ثانية وثالثة ولا يشكر.

     عدم الشّكر في الغالب نابعٌ من أنّنا لا نتعلّم منذ صغرنا التّعبير عن مشاعرنا بعفويّة ومباشرة، وأنّنا في صغرنا لم نكتسب هذا السّلوك من محيط شاكر بعضه للآخر. وإذا كنا لم نكتسب هذا الأمر منذ الصّغر، فعلينا ممارسته ونحن واعون له إلى أن يصبح ردّة فعل متجسّدة فينا، وبذلك نكون نماذج قادرة على إكسابه جيل الصّغار، ليصبح الشّكر جزءاً متجسّداً من قاموسهم التّفاعلي الاجتماعي.

     علينا إدخال تعابير تعكس الشّكر في تفاعلنا اللّغوي وتعليمه أبناءنا بشكلٍ حرفيّ ومباشر من خلال شكرنا لهم وللآخرين.
وكما أنّ صناعة المعروف سلوك حضاري يعبّر عن احترام الواحد لذاته وللآخر، كذلك الشّكر ردّة فعل حضاريّة تعبّر عن ثقة بالذّات، بدلاً من الاختباء وعدم النّظر في وجه الآخر حتّى لا يضطرّ إلى مواجهته بالشّكر.