تأليف: سهام العموش و آمال فرحات
نشر في: 28 كانون الثاني 2024 في موقع مبادرة الشرق الأوسط/جامعة هارفرد
ترجمة: وفاء السكران
مراجعة لارا الخطيب
النزاهة الأكاديمية: المعنى والتعريف
تعرّف منظمة المقاييس والجودة للتعليم الثالثي الاسترالية (TEQSA) النزاهة الأكاديمية ب” ضرورة عمل المعلمين، والطلاب، والباحثين، وجميع أعضاء المجتمع الأكاديمي بما يتفق مع الأمانة، والثقة، والعدالة، والاحترام، وتحمل المسؤولية“. وبالرغم من ذلك، فإن النزاهة ليست حصرا على المجتمعات الأكاديمية؛ الجميع ملزم، في مرحلة ما أوأخرى من حياتهم، باتخاذ خيارات أدبية أو أخلاقية نبيلة. وقد يسبب هذا الالتزام ضغط على الفرد، حيث أن الاختيارات الأدبية والاخلاقية قد لا تكون مفيدة على الدوام وقد تتعارض مع الأهداف الشخصية.
قيم النزاهة الأكاديمية
تتضمن النزاهة الأكاديمية مجموعة من المبادئ والقيم التي تتطلب منا التصرف بحس المسؤولية، والعدالة، والأمانة، والاحترام (TEQSA 2021). وهذا يعني أن تنهج حياتنا المهنية نهج الأخلاق، ويكون لدينا الشجاعة الكافية لاتخاذ الخيارات الصحيحة، والتصرف بشكل مشرف كعضو في مجتمع. وتدور النزاهة الأكاديمية حول شخصياتنا وكيف نتصرف في المواقف الحاسمة بالرغم من الضغوطات الممارسة علينا.
لماذا النزاهة الأدبية مهمة؟
يعدّ الالتزام بالنزاهة الأدبية في المؤسسات أمرا حيويا حيث أنه يؤكد على العمل المستند إلى الأمانة، والثقة، والاحترام ويضمنه. كما وتعتبر النزاهة الأكاديمية عنصرا حيويا في سلسلة الإمدادات للواجب الأخلاقي في مؤسسات التعليم العالي. ويبني الالتزام بمعايير اخلاقية عالية الثقة بين الأطراف المعنية المختلفة في المؤسسة التي تضمن مصداقية الدرجات والمخرجات الأكاديمية الأخرى للمؤسسة. وكذلك، يعزز بيئة يركز فيها الطلاب، والباحثون، وكافة الأكاديميين على التعلم الحقيقي الذي يعدّ ضروريا للمؤسسة كي تنجح و تكتسب السمعة الطيبة والثقة. ولا ننسى أنه عندما تكون قيم النزاهة الأدبية ذات أولوية، يصبح من المرجح أن يكتسب الطلاب والأكاديميين القيم التي تحفز سلوكياتهم ليس فقط داخل المؤسسة لكن في الأدوار المختلفة التي يؤدونها في حياتهم، والذي بدوره يساعد في ارتقاء مواطنين ذوي أخلاق في الأمة بوجه عام. ومن المرجح أن ترتبط العدالة والمساواة بثقافة المؤسسة. وهذا يضمن أن يحصل الجميع على فرص متساوية و يعاملوا بعدالة.
إنشاء بيئة للنزاهة الأكاديمية
يجب أن يكون المعلمون استباقيي الفعل وليس ذوي ردة فعل في هذا النطاق. ومن الممكن رؤية ذلك في خلق الفرص للنقاش وحل المشكلات قبل ظهور المشكلات والتحديات، وفي إتاحة الوقت لإيجاد خيار مناسب للرد. التالي بعض الممارسات التي قد تدعم تعليم النزاهة الأكاديمية للطلاب وتطبيقها:
- ابدأ بتعريف المبادئ الأساسية الستة للطلاب حول الأمانة، والاحترام، وتحمل المسؤولية، والعدالة، والجدارة بالثقة، والشجاعة- أو ما يسمى بالقيم العالمية.
- بالتعاون مع الطلاب والمتبقي من الطاقم التدريسي، عرّف السلوكيات التي تتفق مع القيم المحددة. إحدى الطرق للقيام بذلك كتابة القيم على الجهة اليسرى من ورقة كبيرة الحجم. أضف عمودين، أحدهما للطلاب والآخر للطاقم التدريسي، حيث يحددون السلوكيات المطلوبة، في العمود المخصص لهم، للالتزام بكل قيمة. ويجب على المشاركين مناقشة أهمية تعريف القيم والسلوكيات وكيف يؤثر هذا على عملهم وعلاقاتهم.
- أنشئ قواعد سلوك اجتماعية للسلوكيات المرجوة. ويعمل هذا كإطار عمل فعّال للتربويين والطلاب على حد سواء. أولا، يتيح للمعلمين فرصة تحديد وجهات النظر المشتركة للتوقعات الرئيسية و يشجع على السلوك الأخلاقي عندما يتشارك جميع الأفراد فهم ضمني لما هو صواب. بالإضافة إلى ذلك، سيدرك الطلاب أن خرق هذه القيم غير مقبول حتى بين الأقران.
- ابدأ نقاش غير تزامني عن بعد واتبعه بمناقشة صفية. وقد تشجع رسالة تذكيرية جيدة التوقيت ممارسات الطلاب وتحفزها في كل مهمة أكاديمية، سواء كان ورقة بحث أو نشاط تقييمي. وبالإضافة لذلك، قد يكون من المفيد للطلاب تأمل هذه القيم بعد إنهاء مهامهم لمناقشة ازدياد فهمهم الضمني للقيم في ممارساتهم وازدياد تطبيقها، وبالتركيز على كيفية تغيرهم، و ما هي المعوقات التي واجهوها، وما هي المخاوف التي لديهم. وبالنتيجة، يستطيع الطلاب اقتراح تعديلات على الممارسات وبذلك يتجهون للقيم بشكل أفضل. قد يكون هذا ذو فائدة كبيرة نحو اتفاق جماعي.
- يعدّ الإبقاء على ممارسة هذه القيم للمعلمين أمرا ضروريا، ذلك يجب أن يمثل التربويون نموذجا للسلوكيات المأمولة من الطلاب. يضع هذا معايير للطلاب و يمنحهم فرصة لرؤية السلوك المطلوب.
خلاصة القول فإن المعلمون مسؤولون عن خلق ثقافة للنزاهة الأكاديمية التي تسهل تعلم الطلاب و تضمن أن الدرجات التي يحصلون عليها تعكس مستواهم الحقيقي وأن الشهادات هي انعكاس معرفتهم وقدراتهم.
تعزيز النزاهة الأكاديمية في عصر الذكاء الاصطناعي (AI)
مع التطور الهائل في أدوات الذكاء الاصطناعي و سهولة استخدام الطلاب لها لتكوين الواجب المدرسي، أصبح من الضروري خلق ثقافة النزاهة بين الطلاب ومساعدتهم على المشاركة في ممارسات تنطلق من القيم العالمية المحددة مسبقا. يحتاج التربويون مناقشة الطلاب حول نقاط التقاطع بين النزاهة الأكاديمية وفائدة أدوات الذكاء الاصطناعي، وما السياسة التي من الواجب الالتزام بها عند القيام بكل وظيفة مدرسية أو مهمة أكاديمية. و كممارسة فضلى، يجب أن يبدأ المعلمون المنهاج وشرح لطلابهم الى أي درجة يسمح لهم استخدام الذكاء الاصطناعي، و كيفية ربط استخدامه بالنزاهة. ويجب إعادة النظر في هذه السياسة و مناقشتها قبل كل مهمة مدرسية.
لتحديد إذا كان باستطاعة الطلاب استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للقيام بمهمة مدرسية، فيجب أن يربط المعلمون معايير المهمة المدرسية بأهداف التعلم و توضيح ما يمكن أن ينتجه الطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي. ويجب شرح معايير التقويم والأخذ بعين الاعتبار استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. وقد يطلب من الطلاب تأمل عملية القيام بالمهمة الدراسية كخطوة إضافية. يمكن أن يساعد تطبيق تأمل العملية كممارسة الطلاب على التفكير الناقد حول أعمالهم الخاصة بهم و الدور الذي لعبه الذكاء الاصطناعي أثناء العملية.
بالإضافة الى وضع سياسة و توقعات متعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي بوضوح كبير، فإنه من الضروري أن يحدّث المعلمون منهجيات التدريس لديهم وأن يبتكروا مهام مدرسية تعزز تجربة تربوية هادفة للطلاب وذلك لأنهم لا يمكنهم الاعتماد بشكل كلي على الذكاء الاصطناعي. التالي بعض التوصيات المفيدة في هذا الصدد:
- تطبيق التعلم المبني على المشاريع ليمارس الطلاب مهارات التفكير العليا.
- تضمين تأمل الطلاب للنتاجات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي.
- دمج عنصر التأمل الذاتي في تقويم الطلاب.
وأخيراً، من الضروري تقييم الطلاب بناءا على العملية وليس فقط المنتج. سوف يعزز هذا نقاش الطلاب حول تطورهم أثناء عملية الكتابة.
مصادر
https://www.teqsa.gov.au/students/understanding-academic-integrity/what-academic-integrity
https://www.monash.edu/student-academic-success/maintain-academic-integrity/what-is-academic-integrity-and-why-is-it-important#tabs__2816746-03
No comments:
Post a Comment